النظام اقترب من الحد الأقصى للتنازلات وعلى من يريد منه الوصول إلى صفقة
نهائية ألا ينهكه بمزيد من التنازلات الموضوعية الآن، لأن التنازلات صعبة على كل
أطراف هذا النظام، سواء الوجوه القديمة أو الوجوه الجديدة التى هى من صلب النظام،
وتم الدفع بها إلى المقدمة».. هكذا أوجز مصدر خدم سنوات طويلة مع القيادات الرئيسية
للنظام.
حديث هذا المصدر يتفق مع التقييمات التى تحدثت بها مصادر
غربية عن الوضع الراهن لمجريات الأمور التى قدرت أن الوصول إلى تسوية أصبح قريبا
وأن تفاعلاتها قيد النقاش الآن بين أركان الحكم فى مصر وعواصم عربية وغربية معنية
بتطورات الوضع فى مصر والقيادات السياسية التى وصفها مصدر أوروبى بأنها «مرتقبة» ـ
فى إشارة إلى الشخصيات السياسية الرئيسية المقترح أسماؤها لأن تكون «فاعلة على
الساحة السياسية فى مصر خلال المرحلة القادمة».
وشددت مصادر رسمية أن جماعة
الإخوان المسلمين وعدت بتقليص عدد أنصارها الموجودين فى ميدان التحرير بصورة
تدريجية خلال الأيام القادمة إلا فى حالة حدوث هجوم جديد على المتظاهرين وهو ما
وعدت المؤسسة الرسمية بعدم تكراره بأى حال من الأحوال.
وحسب هذه المصادر
ومصادر رسمية مصرية، فإن التغييرات التى طرأت على صياغة الحزب الوطنى الديمقراطى هى
بالأساس مؤشر لقرب الوصول إلى حل يضمن للأطراف المعنية فى الداخل وفى الخارج الوصول
إلى تسوية سياسية تحقق مطالب المظاهرات الشعبية الجارفة.
وقال مصدر غربى
تحدث من إحدى العواصم الفاعلة إن مصر ستشهد خلال الـ«12 أسبوعا القادمة» ما سمته
المصادر «بالإعلان عن الجائزة الكبرى للثورة» فى إشارة إلى تنحى الرئيس مبارك فى
إطار سياقات سياسية جديدة سيكون للمؤسسات السيادية دور حاسم فيها كما سيكون لشخصيات
سياسية مستقلة ولقوى سياسية متنوعة دور كذلك.
وقالت مصادر مصرية فى عواصم
غربية إن تفاهمات ـ ولم يتم استخدام كلمة اتفاقات ـ تم التوصل إليها بغرض تقليل ضغط
التصريحات المطالبة بنقل فورى للسلطة لمصر بوصف أن هذه التصريحات تصعب بشدة من
إمكانية وصول إلى الصيغة النهائية للحل التوافقى الذى وافقت كل العواصم المعنية أنه
لن يشمل رحيل مبارك عن مصر فى صورة الهارب وإنه لن يشمل أى سيناريوهات تنطوى على
إخضاع الرئيس أو أى شخص من أسرته للمحاسبة القانونية.
«إننا لا نتحدث عن
أيام ولكننا نتحدث عن شهر سبتمبر القادم، هذا هو أساس التفاهم». هكذا قال مصدر من
عاصمة أوروبية.
وأقرت المصادر أن خطة التخويف من الأسلمة التى حاولت القاهرة
شنها على العواصم الغربية، استنادا إلى التصريحات الأخيرة لمرشد الثورة الإسلامية
الإيرانية على خامنئى لا تحقق نجاحا كبيرا وإنما تسهم فى المزيد من المطالبة غير
المعلنة بسرعة النظر فى حل توافقى مصرى يتم دعمه غربيا لتحقيق الانتقال المحكم
للسلطة.
وقال أحد هذه المصادر إن هناك إدراكا واسعا فى الغرب أن «مصر السنية
ليست إيران الشيعية» بينما قال آخر إن العواصم الأوروبية تدرك أن الأقلية العددية
القبطية والأقلية الثقافية العلمانية لن تقبل بهيمنة الإخوان المسلمين على
الحكم.
وحسب معلومات «الشروق» من مصادر رسمية وأخرى من جماعة الإخوان، فإن
التفاهمات التى جرت صياغتها بصورة شبه نهائية بين الجماعة والنظام لا تشمل تقنين
عمل الجماعة ولكن تشمل السماح لبعض أعضائها بإنشاء حزب سياسى ـ «ربما فى 2012» حسب
قول أحد مصادر الإخوان المسلمين.
الإخوان المسلمين سيتم إعفاؤهم من قلق
الملاحقة الأمنية المشددة ـ شريطة تفاديهم لاستفزاز الدولة، على حد قول مصدر رسمى
متابع لمجريات الحوار الدائر بين الجماعة السياسية ـ الدينية الاكثر تنظيما وتأثيرا
فى مجتمع شهد ارتباطا أقوى بالدين عن السياسة خلال العقود الثلاثة
الماضية.
فى الوقت نفسه، قال مصدر من المؤسسة الرئاسية بلغة حاسمة إن أحدا
لم يقترح على الرئيس بصورة مباشرة النظر فى الرحيل وإن كان يتم إخطاره أولا بأول
بالضغوط التى تضعها عواصم غربية على المؤسسات الرسمية للدولة.
وقال مصدر
آخر إن المجموعة المحيطة مباشرة بالرئيس مبارك التى تشرف على تأمينه وتقدم له
المشورة السياسية والفنية هى «مجموعة مخلصة جدا للرجل ولن تتخلى عنه ولن تقبل أن
تراه يهان ويرحل عن مصر كما بن على (الرئيس التونسى المخلوع)».
فى الوقت
نفسه، أكدت مصادر من المؤسسة العسكرية أن الجيش يرى دوره حاليا هو حماية الناس
ومساندة الحكومة وأنه لا اتفاق فى المؤسسة العسكرية الآن على أن هناك حاجة لتسريع
وتيرة الانتقال بصورة تنال من هيبة الرئيس الذى تنظر له المؤسسة العسكرية على أنه
القائد الأعلى للقوات المسلحة.
من ناحية أخرى، قالت مصادر مصرية وغربية إن
إسرائيل «المصابة بحالة فزع شديد من جراء احتمالات تغيير تذهب بمصر بعيدا عن معسكر
الاعتدال». وحسب قول مصدر مصرى فى عاصمة أوروبية «المؤشرات تقول إن إسرائيل لا تريد
أن تستمر فى المناداة بإنقاذ النظام الحالى بصورته الحالية خشية أن يختلف النظام
القادم جذريا عن النظام الحالى فتخسر إمكانية علاقات طيبة مع النظام القادم».